مفاتح النور
ثم اما بعد فھل بقي شك في أن بابا جديدا من أبواب الفتن قد انكسر فعلا على العالم اليوم عندما انقدحت شرارة العولمة ريحا عقيما تعصف بالارض ؟ وھل بقي شك في اننا نعيش زمان تتابع الفتن وتواتر
مفاتح النور في مفاهيم رسائل النور (1)
مقدمة
إن الحمد لله نحمدھ ونستعينھ و نستغفرھ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يھدھ اللھ فلا مضل لھ وأشھد ان لا اله الا اللھ وحدھ لا شريك لھ واشھد ان محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاھد في اللھ حق جھادھ حتى اتاھ اليقين
أما بعد فإن اصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الھدي عدي سيدنا محمد صلى اللھ عليھ وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
ثم اما بعد فھل بقي شك في أن بابا جديدا من أبواب الفتن قد انكسر فعلا على العالم اليوم عندما
انقدحت شرارة العولمة ريحا عقيما تعصف بالارض ؟
وھل بقي شك في اننا نعيش زمان تتابع الفتن وتواتر
المحن ! على ماورد في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل
المظلم يصبح الرجل فيھا مؤمنا ويمسي كافرا ويسمي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أقوام دينھم بعرض من الدنيا"
ألا ما أحوج العالم اليوم إلى النور !
وعجبا ! كيف يصر الانسان على التيھ في الظلمات
ولا يستمد الشعاع من النور والنور قريب "اللھ نور السموات والأرض " النور 35
"واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان فليستجيبوا لي وليومنوا بي لعلھم
يرشدون" البقرة 186. عجبا! وھذا القرآن العظيم
يمد المؤمنين بنور لا يخبو أبدا ! "وكذلك اوحينا اليك روحا من أمرنا ما كنت ماتدري ما الكتاب و لا الإيمان
ولكن جعلناھ نورا نھدي بھ من نشاء من عبادنا وانك لتھدي إلى صراط مستقيم "
فأين الانسان ؟
تجلي النور فوق الطور باق/ فھل بقي الكليم بطور سينا (محمد اقبال)
ولقد تجلى إعجاز القرآن لكل زمان ، بصورة مناسبة لإنسان ذلك الزمان . وذلك ضرب آخر من ضروب الإعجاز! حتى جاء عصر ظلمات الفتن التي انذر رسول الله صلى الله عليه وسلم باندلاعھا على امتھ ! فتجلى إعجاز القرآن -مرة أخرى - نورا
أبصر ھ الربانيون ! فكشفوھ للناس ، كل حسب منزلتھ من موقع التلقي.
لما كان أواخر القرن التاسع عشر الميلادي كانت الأمة الإسلامية بأكملها تقريبا ؛ ترزح تحت كابوس الاستعمار ! وكانت ظلمات ! ثم كان النصف الأول من القرن العشرين مرحلة لانتشار الأيديولوجيات والفلسفات المنكرة للدين والمشككة في حقائقھ ! فكانت ظلمات اخرى ! وھناك احتاج المسلمون إلى تجديد الصلة بالنور . ولكن للاسف كانوا لايبصرون!
على حد قول اللھ تعالى " وتراھم ينظرون إليك وھم لايبصرون "الاعراف198 وقولھ سبحانھ: " وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليھا وھم ان ما معرضون " يوسف 105. فاحتاجوا بذلك إلى مبصرين "بالشد " وليس الى مبصرين فقط ! فليس
صدفة إذن؛ أن انطلق بديع الزمان سعيد النورسي رحمھ الله؛ في ھذھ الفترة بالذات :( 1294ھ _1876 م إلى 1379ھ_ 1960م ) يكشف إعجاز القرآن نورا ؛ "يھدي بھ الله من اتبع رضوانھ سبل السلام ويخرجھم من الظلمات إلى النور باذنھ ويھديھم إلى صراط مستقيم " المائدة 16
فعندما داھمت ظلمات العلمانية العالم الإسلامي؛ اختلف العلماء والمصلحون حول أشكال مناھضتھا ،
من القتال الجھادي إلى السجال الفكري ! واختار بديع الزمان حمل راية إعجاز القرآن والعمل تحت رايتھا فقط ! بيد أن إعجاز القرآن كما حملھ النورسي رحمھ اللھ لم يكن مجرد درس بلاغي عتيق! بل كان منھجية جديدة لتبصير المسلمين حقائق القرآن في النفس وفي المجتمع، وبعث روح القرآن فيھم! فكيف بقوم انبعثت فيھم روح القرآن ؟ ذلك ھو الإعجاز ! لقد كان الاستاذ رحمھ الله ملقنا لبصائر القرآن بامتياز !وهنالك يكمن سر نجاحھ التجديد ي للدين.
ذلك النجاح الذي لم يمت بموتھ،كلا! بل استمر نورھ متدفقا على العالم ، شاقا طريقا من نور غريب نحو المستقبل . فإنما كان القرآن ويفسر ھ بمنھج استبصاري نادر ! ومن ھنا فإنك _وانت تقرأ كلماتھ
رحمھ اللھ_ تجدھ يخاطب من حين لآخر أجيالنا و الأجيال التي بعدنا بوعي تام ! وذلك من مثل قولھ
في نداء استفسار عجيب: " يا اخوتي ! و يازملائي الذين يسمعون ھذا الكلام بعد خمسين عاما"
ولذلك فإنك لما تقرأ كليات رسائل النور ؛ تشعر كأنما ھذھ الرسائل قد كتبت لزماننا ھذا ، أو كأنما كتبت للتو على إثر أحداث وقعت في المسلمين الآن ، ولما نخرج من لھيبھا بعد ! ولا تكاد تسأل في حيرة الفجيعة: كيف الخروج؟ حتى تجد رسائل النور تسبق إليك بالجواب ! تنتشلك من ظلمات ا لحيرة
والاضطراب ، وتقود وجدانك : ان افتح عين قلبك !وإذن روحك! وشھود بصيرتك ! لتتلقى نور القرآن بنفسك ، لا بواسطة غيرك ؛ فتكون من المبصرين!
إن بديع الزمان حينما اختار طريق البيان لاعجاز القرآن؛ إنما اختار طريق العروج بالمسلمين الى المقامات العلى، من الوعي بالوجود الديني؛ والتميز الحضاري . لقد اختار ان ينخرط في البناء الشامل لصرح الأمة وليس لبعض جزئياتھا، أو لدفع بعض أزماتها العابرة ، أو المتوھمة .
ولطالما أشغل المصلحون بأزمات وھمية، إخلاء لھم عن صلب القضية الكبرى : بناء جيل القرآن ! وذلك مالم يكن ليكون إلا ببيان "إعجاز القرآن " ، بالمفهوم الذي عرضنا ھ عند بديع الزمان النورسي رحمھ الله
لقد جاء على موعد مع التاريخ ؛ ليكون بھ ما أراد اللھ بھذھ الأمة من إنقاذ الإيمان